الجمعة، 30 أكتوبر 2009

أي صحابة كانوا ؟



ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يربيهم تربية دقيقة عميقة .


ولم يزل القرآن يسمو بنفوسهم ويذكي جمرة قلوبهم .


ولم تزل مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم تزيدهم رسوخاً في الدين وعزوفاً عن الشهوات ، وتفانياً في سبيل المرضاة ، وحنيناً إلى الجنة ، وحرصاً على العلم وفقهاً في الدين ومحاسبة للنفس .


يطيعون الرسل في المنشط والمكره .


وينفرون في سبيل الله خفافاً وثقالاً .


قد خرجوا مع الرسول للقتال سبعاً وعشرين مرة في عشر سنين . وخرجوا بأمره لقتال العدو أكثر من مائة مرة .


فهان عليهم التخلي عن الدنيا وهانت عليهم رزيئة أولادهم ونسائهم في نفوسهم .


ونزلت الآيات بكثير مما لم يألفوه ولم يتعودوه . وبكل ما يشق على النفس إتيانه في المال والنفس والولد والعشيرة فنشطوا وخفوا لامتثال أمرها .


وانحلت العقدة الكبرى- عقدة الشرك والكفر- فانحلت العقد كلها وجاهدهم الرسول جهاده الأول فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر ونهي .


وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى- فكان النصر حليفه في كل معركة ،


وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة ، لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ، ولا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضى ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى .


حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم ، وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد


نزل تحريم الخمر والكئوس المتدفقة على راحاتهم ، فحال أمر الله بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة ، وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة .


حتى إذا خرج حظ الشيطان من نفوسهم ، بل خرج حظ نفوسهم من نفوسهم .


وأنصفوا من أنفسهم إنصافهم من غيرهم .


وأصبحوا في الدنيا رجال الآخرة وفي اليوم رجال الغد .


لا تجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة ولا يشغلهم فقر ولا يطغيهم غنى ولا تلهيهم تجارة ولا تستخفهم قوة ، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً .


وأصبحوا للناس القسطاس المستقيم قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين .


وطَّأ لهم أكناف الأرض وأصبحوا عصمة للبشرية ووقاية للعالم وداعية إلى دين الله .


واستخلفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في عمله ولحق بالرفيق الأعلى قرير العين من أمته ورسالته .


(من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين - أبو حسن الندوي)

الأحد، 4 أكتوبر 2009

هو الغنى



أنـزه آلامـي عـن الدمـع والأسـى ... فتؤنسهـا مني الطلاقـه والبشـر

وأضحك سخـراً بالطغاة ورحمـة ... وفـي كبدي جرح وفي أضلعي جمـر

كفـاء لعسـف الدهـر أني مؤمـن ... وعـدل لطغيـان الورى أنني حـر

(( وما ضـرني أسـر ونفسـي طليـقة .... مجنحة مـا كف من شأوها أسـر ))

أطـل على الدنيا عزيزا، أَضمنـي .. إليهـا ظلام السجـن أم ضمني القصر

(( وما حاجـتي للنـور والنـور كامـن ... بنفسـي لا ظـل ولا ستـر ))

وما حاجـتي للأفق ضحيـان مشرقاً ... ونفسي الضحى والأفق والشمس والبدر

وما حاجـتي للكائنـات بأسرهـا ... وفي نفسي الدنيـا وفي نفسـي الدهـر