الجمعة، 4 سبتمبر 2009

نحن المسلمون


من مقدمة لكتاب

....(من قصص التاريخ) ....

للشيخ علي "الطنطاوي"

والإقتباس على غير العادة ليس قصيرا

لكنه يستحق بالتأكيد

بعنوان
[ نحن المسلمون !]

...1...


نحن المسلمون !

هل روى رياضَ المجد إلا دماؤنا ؟ هل زانت جنات البطولة إلا أجساد شهدائنا ؟ هل عرفت الدنيا أنبل وأكرم منا وأكرم ، أو أرأف أو أرحم ، أو أجل أو أعظم ، أو أرقى أو أعلم ؟

نحن حملنا المنار الهادي والأرض تتيه في ليل الجهل وقلنا لأهلها : هذا الطريق !

نحن نصبنا موازين العدل يوم رفعت كل أمة عصا الطغيان .

نحن بنينا للعلم داراً يأوي إليها حين شرده الناس عن داره .

نحن أعلنّا المساواة يوم كان البشر يعبدون ملوكهم ويؤلهون سادتهم .

نحن أحيينا القلوب بالإيمان ، والعقول بالعلم ، والناس كلهم بالحرية والحضارة .


... 2 ...


نحن المسلمون !

قوتنا بإيماننا ، وعزنا بديننا ، وثقتنا بربنا .

قانوننا قرآننا ، وإمامنا نبينا ، وأميرنا خادمنا .

وضعيفنا المحق قوي فينا ، وقوينا عون لضعيفنا .

وكلنا أخوان في الله ، سواء أمام الدين


...3...


نحن المسلمون !

سلوا عنا ديار الشام ورياضها ، والعراق وسوادها ، والأندلس وأرباضها .

سلوا مصر وواديها ، سلو الجزيرة وفيافيها ، سلوا الدنيا ومن فيها .

سلوا بطاح أفريقية ، وربوع العجم وسفوح القفقاس .

سلوا حفافي الكنج ، وضفاف اللوار، ووادي الدانوب .

سلوا عنا كل أرض في (( الأرض )) ، وكل حي تحت السماء .

إن عندهم حميعاً خبراً من بطولاتنا وتضحياتنا ومآثرنا ومفاخرنا وعلومنا وفنوننا.

... 4...


نحن المسلمون !

نحن بنينا الكوفة والبصرة والقاهرة وبغداد .

نحن أنشأنا حضارة الشام والعراق ومصر والأندلس .

نحن شِدنا بيت الحكمة والمدرسة النظامية وجامعة قرطبة والجامع الأزهر .

نحن عمرنا الأموي وقبة الصخرة و(( سُر من رأى )) والزهراء والحمراء ومسجد السلطان أحمد وتاج محل .

نحن علمنا أهل الأرض وكنا الأساتذة وكانوا التلاميذ .


.... 5 ....


نحن المسلمون !

منا أبو بكر وعمر ونور الدين وصلاح الدين وأورنك زيب.

منا خالد وطارق وقتيبة وابن قاسم والملك الظاهر .

منا البخاري والطبري وابن تيمية وابن القيم وابن حزم وابن خلدون .

منا الغزالي وابن رشد وابن سيناء والرازي .

منا الخليل والجاحظ وأبو حيان .

منا أبو تمام والمتنبي والمعري .

منا معبد وإسحاق وزرياب .

منا كل خليفة كان الصورة الحية للمثل البشرية العليا .

وكل قائد كان سيفاً من سيوف الله مسلولاً.

وكل عالم كان من البشر كالعقل من الجسد .

منا مئة ألف عظيم وعظيم .

.... 6 ....


نحن المسلمون !

ملكنا فعدلنا ، وبنينا فأعلينا ، وفتحنا فأوغلنا ، وكنا الأقوياء المنصفين

سننّا في الحرب شرائع الرأفة ، وشرعنا في السلم سنن العدل ، فكنا خير الحاكمين ، وسادة الفاتحين .

أقمنا حضارة كانت خيراً كلها وبركات ، حضارة روح وجسد ، وفضيلة وسعادة ، فعم نفعها الناس ، و تفيأ ظلالها أهل الأرض جميعاً .

وسقيناها نحن من دمائنا ، وشدناها على جماجم شهدائنا .

وهل خلت أرض من شهيد لنا قضى في سبيل الإسلام والسلام ، والإيمان والأمان ؟


.... 7 ....


نحن المسلمين !

هل تحققت المثل البشرية العليا إلا فينا ؟

هل الكون مجمعاً بشرياً ( إلا مجمعنا ) قام على الأخلاق والصدق والإيثار ؟

هل اتفق واقع الحياة وأحلام الفلاسفة وآمال المصلحين ، إلا في صدر الإسلام ؟ يوم كان الجريح المسلم يجود بروحه في المعركة يشتهي شربة من ماء ، فإذا أخذ الكأس رأى جريحاً آخر فآثره على نفسه ومات عطشان .

يوم كانت المرأة المسلمة يموت زوجها وأخوها وأبوها فإذا أخبرت بهم سألت : ما فعل رسول الله ؟ فإذا قيل لها : هو حي قالت : كل مصيبة بعده هينة .

يوم كانت العجوز ترد على عمر وهو على المنبر في الموقف الرسمي وعمر يحكم إحدى عشرة حكومة من حكومات اليوم .

يوم كان الواحد منا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويؤثره عليها ولو كان به خصاصة .

وكنا أطهاراً في أجسادنا وأرواحنا ومادتنا والمعنى .

وكنا لا نأتي أمراً ولا ندعه ولا نقوم ولا نقعد ولا نذهب ولا نجيء إلا لله ؛ قد أمتنا الشهوات من نفوسنا فكان هوانا تبعاً لما جاء به القرآن .

لقد كنا خلاصة البشر وصفوة إنسانية .

وجعلنا حقاً واقعاً ما كان يراه الفلاسفة والمصلحون أملاً بعيداً .


.... 8 ....


نحن المسلمين !

تُنظَم في مفاخرنا مئة إلياذة وألف شاهنَّامه . ثم لاتنقضي أمجادنا ولا تفنى ، لأنها لاتعد ولا تحمى .

من يعد معاركنا المظفرة التي خضناها ؟

من يحصي مآثرنا في العلم والفن ؟

من يستقري نابغينا وأبطالنا ؟

إلا الذي يعد نجوم السماء .

ويحصي حصى البطحاء .

أكتبوا ( على هامش السيرة ) ألف كتاب .

و(على هامش التاريخ ) مثلها ، وأنشئوا مئةً في سيرة كل عظيم .

ثم تبقى السيرة ويبقى التاريخ كالأرض العذراء والمنجم المبكر .

.... 9 ....


نحن المسلمين !

لسنا أمة كالأمم تربط بينها اللغة ، ففي كل أمة خيّر وشرير .

ولسنا شعباً كالشعوب يؤلف بينها الدم , ففي كل شعب صالح وطالح ، ولكننا جمعية خيرية كبرى .

أعضاؤها كل فاضل من كل أمة ، تقي نقي .

تجمع بيننا التقوى عن فصل الدم ، وتوحد بيننا العقيدة إن أختلفت اللغات .

وتدنينا الكعبة إن تناءت بنا الديار .

أليس في توجهنا كل يوم خمس مرات إلى هذه الكعبة ، واجتماعنا كل عام مرة في عرفات ، رمزاً على أن الإسلام قومية جامعة ، مركزها الحجاز العربية وإمامها النبي العربي وكتابها القرآن العربي ؟


... 10 ...


نحن المسلمون !

ديننا الفضيلة الظاهرة ، والحق الأبلج .

لاحجب ولا استار ولا خفايا ولا أسرار .

هو واضح وضوح المئذنة . أفليس فيها ذلك المعنى ؟

هل في الدنيا جماعة أو نِحلة تكرَّر مبادئها وتُذاع عشر مرات كل يوم كما تذاع مبادئ ديننا ، نحن المسلمين ، على السنة المؤذنين :

(( اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ))


... 11 ....


نحن المسلمين !

لا نَهِنُ ولا تحزن ومعنا الله .

ونحن نسمع كل يوم ثلاثين مرة هذا النداء العلوي المقدس ، هذا النشيد القوي : الله أكبر .

البطولة سجية فينا ، وحب التضحية يجري في عروقنا .

لا تنال من ذلك صروف الدهر ، ولاتمحوه من نفوسنا أحداث الزمان .

لنا الجزيرة التي يُشوى على رمالها كل طاغِ يطأ ثراها ،ويعيش أهلها من جحيمها في جنات .

لنا الشام وغوطتها التي سقيت بالدم ، لنا فيها الجبل الأشم .

لنا العراق ، لنا الرميثة ، وسهول الفرات .

لنا فلسطين التي فيها جبل النار .

لنا مصر دار العلم والفن ومثابة الإسلام .

لنا المغرب كله ، لنا (الريف ) دار البطولات والتضحيات .

لنا القسطنطينية ذات المآذن والقباب ، لنا فارس والأفغان والهند وجاوة .

لنا كل أرض يتلى فيها القرآن وتصدح مناراتها بالأذن .


لنا المستقبل ... المستقبل لنا إن عدنا على ديننا

..

.
.
.

هناك 4 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    كيف حالك يا اختى الكريمة مها، اسأل الله ان تكونى بخير حال واتم صحة ان شاء الله.
    بارك الله فى الشيخ على الطبطاوى على انه قام بتفصيل اوصاف ومميزات وسمات المسلمين حتى يتسنى لمن يدعى الاسلام اليوم ان يعرف كيف يكون مسلما بحق ، وحتى يرى الذين ابهرتهم الحياه الغربية مدى عظمة الانسان فى ظل الاسلام.
    وبارك الله فيك انت ايضا لمساهمتك فى نشر تلك الكلمات .
    تحياتى

    ردحذف
  2. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    بخير وصحة والحمد لله ، وأسأل الله أن تكون كذلك أيضا .. جزاكم الله خيرا على السؤال

    وفيك بارك الله :) كلمات الشيخ علي تستحق النشر بالفعل :)

    ردحذف
  3. لم يقل علي الطنطاوي نحن المسلمون ولكن قال نحن المسلمين

    ردحذف

مرحبا بتعليقك أذكر بأن المقولة من اختياري ولست أنا كاتبتها وأن الله سبحانه وتعالى قال : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18'